صحوة بلا أثقال
بقلم: أحمد مختار
استيقظتُ ذلك الصباح على غير عادتي،
كأن شيئا قد تبدل في داخلي.
شعور خفيف يلامس القلب،
لا يحمل وطأة الأمس،
ولا انشغال الغد.
فقط هدوء ناعم،
كأن الروح تنفست بعمق لأول مرة منذ زمن.
تلفتّ حولي…
لم أجد الهمّ جالسا في الزاوية المعتادة.
الحزن لم يكن يطرق الباب.
والقلق؟ بدا وكأنه أخذ عطلة غير معلنة.
تساءلت:
هل تغير العالم من حولي؟
أم أنني أنا من تغيرت؟
جلست إلى نافذتي،
أحتسي قهوتي كما لو كنت أحتسي لحظة سلام.
لا صوت يعلو فوق صوت النسيم،
ولا فكرة تتصارع في رأسي.
فقط أنا، وكوب من الدفء،
وصباح يبتسم لي بهدوء لا يشبه ضجيج الأيام.
لم يكن ذلك فرحا صاخبا،
بل راحة هادئة…
شبيهة بتلك اللحظة التي تسبق النوم،
أو تلي البكاء.
حين لا يعود هناك شيء لتفكر فيه.
حين تكتفي بالسكينة، وتترك الباقي للكون.
وسرعان ما تسللت الحياة من جديد.
رسالة هاتف، صوت من الخارج، موعد تذكير.
عادت الإيقاعات المعروفة…
لكن شيئا ما في داخلي كان مختلفا.
ربما أنا من صار يرى التفاصيل بشكل آخر.
ربما تعلمت، ولو للحظة،
أن السلام لا يحتاج سببا،
وأن الهم إن تأخر عن زيارتي،
فلا داعي أن أذهب إليه بنفسي.
في نهاية اليوم، أدركت شيئا بسيطا:
كل صباح هو بداية محتملة.
والنجاة ليست في التخلص من كل ما يثقلنا،
بل في أن نمنح أرواحنا فرصة لتتنفس.
أن ننظر من النافذة ونبتسم،
ونصدق، ولو مؤقتا،
أن كل شيء سيكون على ما يرام.