مسيرتنا مع الحياة
بقلم: أحمد مختار
حين تُبصر القلوب ما تعجز عنه العيون
في مسيرتنا مع الحياة، تواجهنا محطات نُدرك فيها أن العيون ليست مجرد أداة لرؤية الأشياء، بل وسيلة لتفسير التجارب وفهم المعاني التي تختبئ وراء الصور. هذه المحطات قد تكون أوقاتًا تختبر فيها قدرتنا على الرؤية الحسية، فتتراجع وضوح الرؤية أمام تحديات مادية أو صحية، لكن في الوقت نفسه تمنحنا الفرصة لنرى بقلوبنا ما تعجز أعيننا عن إدراكه.
الرؤية ليست دائمًا حقًا مكتسبًا؛ هي نعمة قد يدرك قيمتها من يتعرض لخسارتها أو تراجعها. في تلك اللحظات، تتجلى معانٍ أعمق: ما كنا نظنه عاديًا يتحول إلى حلم، وما كنا نعتبره تفصيلًا يوميًا يصبح كنزًا نبحث عنه. وهنا، تظهر قوة الروح التي تعوض ما تفتقده العين، فتضيء لنا دروبًا لم نكن نراها من قبل.
كل نظرة نحملها قد تكون انعكاسًا لرحلة كاملة من التجارب. بعضها مليء بألم الفقد، حين نرى عالَمنا يبتعد شيئًا فشيئًا عن أعيننا. وبعضها مليء بالأمل، حين نكتشف أن النقص في شيء قد يُكمل في شيء آخر. فالرؤية الحقيقية ليست مرهونة بقوة البصر فقط، بل بقوة القلوب التي تُبصر أعمق مما تراه العين.
وفي تلك الرحلة، قد نجد أن الحواس الأخرى تصبح شريكًا للعين، وأن الروح نفسها تنشط لتعويض ما نقص. تصبح التجربة أكثر إدراكًا؛ فالأصوات، والروائح، وحتى الكلمات تأخذ أبعادًا جديدة، وكأنها تُعيد تشكيل رؤيتنا للعالم.
الحياة تقدم لنا دروسًا حينما تتغير قدرتنا على الرؤية، فهي تُعلمنا أن ما هو مهم حقًا ليس دائمًا ظاهرًا للعين المجردة. الأشياء التي تُلامس القلب بصدق، وتُحرك الروح، هي التي تستحق أن تُبصرها قلوبنا، حتى حينما تعجز أعيننا عن ذلك.
أحمد مختار
Comments are closed.