Nepras ELSalam News

أكتوبر 1973.. رسالة خالدة في زمن التحديات

4

أكتوبر 1973.. رسالة خالدة في زمن التحديات

 

بقلم: أحمد مختار

 

في مثل هذا اليوم من كل عام، يقف التاريخ شاهدًا على أعظم انتصارات الأمة المصرية والعربية، يوم السادس من أكتوبر 1973، اليوم الذي كسرت فيه مصر حاجز المستحيل وأثبتت أن الإرادة الحرة قادرة على قلب الموازين. لم يكن العبور مجرد معركة عسكرية، بل كان عبورًا من اليأس إلى الأمل، ومن الانكسار إلى الكرامة، ومن الهزيمة إلى النصر. واليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى الخالدة، يفرض علينا الواقع سؤالًا كبيرًا: كيف نقضي يوم أكتوبر؟ وماذا نفعل حتى تظل روحه متجددة في قلوبنا وعقولنا؟

الاحتفال بذكرى أكتوبر ليس فقط وضع الأعلام أو ترديد الأغاني الوطنية، بل هو في جوهره استعادة دروس الماضي وربطها بما يحيط بنا من أحداث، كي نفهم أن التاريخ ليس صفحات تُقرأ وإنما رسائل تُعاش. في ظل عالم يموج بالعنف والحروب والاضطرابات، تصبح ذكرى أكتوبر فرصة لإعادة التفكير في موقعنا، وفي ما يجب أن نقدمه لأوطاننا وأمتنا.

إننا اليوم نرى حولنا صورًا أخرى من المقاومة والصمود، أبرزها ما يحدث في فلسطين، حيث يواصل الشعب الفلسطيني نضاله رغم آلة الحرب والدمار، رافعًا راية الحرية كما رفعها الجنود المصريون على ضفاف القناة عام 1973. وبين مشاهد الدمار في غزة والضفة، وبين معاناة الأسر الفلسطينية المحاصرة، نجد أنفسنا نعود بذاكرتنا إلى تلك اللحظات التي تحدى فيها الجندي المصري أكبر قوة عسكرية في المنطقة وانتصر عليها، لنتعلم أن الحق لا يموت، وأن الإرادة قادرة أن تصمد مهما طال الزمن.

وفي خضم عالم يزداد عنفًا واضطرابًا، من صراعات في الشرق الأوسط إلى أزمات إنسانية في أفريقيا وأوروبا، تبدو ذكرى أكتوبر نداءً واضحًا بأن وحدة الشعوب هي السلاح الحقيقي لمواجهة الطغيان، وأن التضامن العربي لم يكن يومًا شعارًا فارغًا، بل كان وما زال الأمل في مواجهة كل ما يحيط بنا من تحديات.

إذا أردنا أن نقضي يوم السادس من أكتوبر بطريقة تليق بعظمته، فلابد أن نبدأ من التأمل في المعاني، لندرك أن الحرية لا تأتي بلا ثمن، وأن الكرامة لا تُشترى بالمال، وإنما تُصنع بالدماء والتضحيات. ولابد أن نحيي أسر الشهداء والمحاربين القدامى، فزيارتهم وتكريمهم هو وفاء للذين صنعوا لنا حاضرًا نعيش فيه برؤوس مرفوعة.

كما أن علينا أن نوجه أنظار الأجيال الجديدة إلى هذا التاريخ، عبر الأنشطة الثقافية والتعليمية في المدارس والجامعات، لنزرع فيهم الثقة بقدرتهم على مواجهة التحديات. فما أحوجنا اليوم إلى وعي وطني يواجه تيارات العنف والتطرف والكراهية التي تنتشر في العالم من حولنا.

ولا يكتمل اليوم من دون مشاركة شعبية وفنية، من الأغاني الوطنية التي تبعث في الروح الحماس، إلى الأعمال الفنية التي توثق بطولات أكتوبر، ليظل وجدان الأمة حيًا نابضًا بالذكرى.

لكن يبقى أجمل احتفال بالنصر أن نواصل مسيرة العمل والبناء. فالمعركة اليوم ليست على الضفة الشرقية للقناة، بل في ميدان التنمية، في معامل البحث العلمي، في المصانع، في الحقول، وفي كل يد تبني وتزرع وتصنع مستقبلًا يليق بمصر وشعبها. وكما كان شعار أكتوبر “النصر أو الشهادة”، فإن شعار حاضرنا يجب أن يكون “التنمية أو التخلف”، ولا خيار أمامنا إلا الانتصار.

إن يوم السادس من أكتوبر ليس فقط ذكرى لماضٍ مجيد، بل هو وعد متجدد بأن الأمة التي عبرت في أحلك الظروف قادرة أن تعبر مجددًا وسط كل هذا العنف والفوضى التي تحيط بنا، وأن مصر التي رفعت رأس العرب في 1973، قادرة أن تبقى دائمًا الحصن والسند لكل من ينشد الحرية والكرامة، وفي مقدمتهم فلسطين.

 

أكتوبر 1973.. رسالة خالدة في زمن التحديات

Leave A Reply

Your email address will not be published.