إسرائيل ضد الله
بقلم: أحمد مختار
منذ أن وُجدت إسرائيل ككيان سياسي على أرض فلسطين، وهي تمثل مواجهة صريحة مع القيم التي أنزلها الله، وتعلن من خلال أفعالها اليومية أنها كيان ضد العدالة، وضد الإنسانية، وضد الله نفسه. ليس لأنها تنازع شعبًا على أرضه فقط، بل لأنها تناقض المشيئة الإلهية التي أرادت للإنسان أن يعيش بكرامة وعدل وسلام.
لقد أخبرنا القرآن الكريم أن الله كتب على هذه الأمة عقوبة الشتات جزاء تكبرهم وعصيانهم، فقال تعالى: “وقطعناهم في الأرض أمماً” [الأعراف: 168]. عاشوا في التيه وتفرقوا في الأرض، وكان ذلك درسًا إلهيًا أن البقاء مشروط بالعدل والإيمان. ومع ذلك، تحدوا مشيئة الله، فعادوا يتجمعون بقوة السلاح والدعم الغربي، ليقيموا دولة قائمة على القهر لا على الشرعية. فإقامة إسرائيل نفسها إعلان تحدٍ لله، ورسالة عصيان جديدة، وكأن التاريخ يعيد نفسه.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل كتب الله عليهم الشتات إلى قيام الساعة؟
الجواب لا يُفهم بمعزل عن سنن الله في خلقه: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد: 11]. فالله كتب عليهم الشتات عقوبة مستمرة ما داموا على ذات العصيان، وما داموا على ذات البغي. أما إن غيروا ما في أنفسهم، فذلك بيد الله وحده، لكن الوقائع تؤكد أنهم ماضون في ظلمهم، متجذرون في عنادهم، مما يجعل بقاءهم واستقرارهم وهمًا قصير الأمد.
لقد تجاوزت إسرائيل حدود الصراع مع الفلسطينيين لتعلن عداءها للأمة كلها. فالعدوان الأخير على قطر –الدولة المستقلة ذات السيادة– حيث قصفت طائراتها الدوحة في سبتمبر 2025 وقتلت قيادات من حركة حماس وضابطًا قطريًا، هو مثال صارخ على أن هذا الكيان لا يعرف حدودًا. لم يعد عدوانه محصورًا بأرض محتلة، بل صار يمد أذرعه إلى عواصم عربية، متحديًا القانون الدولي والأعراف والسيادة الوطنية.
إن ضرب قطر لم يكن فقط جريمة سياسية، بل إعلان تمرد على القيم الإنسانية والإلهية، لأن قتل الأبرياء داخل بلد مستقل هو فعل لا يمكن تبريره، إلا بمنطق القوة الغاشمة التي يرفضها الله والضمير الإنساني. وقد وصفت قطر –بحق– هذه العملية بأنها “إرهاب دولة”، وهو وصف دقيق، لأن إسرائيل أثبتت أنها ليست مجرد كيان محتل، بل كيان يشرعن الإرهاب كأداة لبقائه.
إسرائيل اليوم ليست ضد الفلسطينيين وحدهم، بل ضد كل عربي، وضد كل إنسان حر، وضد الله ذاته. فهي تقتل الرحمة حينما تقتل الأطفال، وتذبح العدل حينما تصادر الأرض وتبني المستوطنات، وتدفن الحرية حينما تحاصر الملايين في غزة. بل إنها تزداد غطرسة إلى حد انتهاك سيادة الدول، كما حدث في الدوحة، في رسالة واضحة: “لا مكان لقانون دولي، ولا قيمة لأي حدود أو أعراف.”
ولعل الآية الكريمة تصف واقعهم بدقة: “يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ” [الحشر: 2]. فهم في كل عدوان يزرعون بذور نهايتهم بأيديهم، ويعجّلون بانهيار كيانهم الذي قام على الباطل.
قد يظن البعض أن إسرائيل تحميها قوتها العسكرية ونفوذ حلفائها، لكن التاريخ شاهد أن كل كيان قام على الظلم لم يدم. من الفراعنة إلى الرومان إلى الاستعمار الحديث، الباطل يعلو حينًا لكنه لا يستمر. وسنة الله ماضية: “وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ” [الشعراء: 227].
القضية لم تعد مجرد نزاع حدودي أو خلاف سياسي، بل أصبحت معركة وجودية: معركة بين الحق الذي يمثله شعب أعزل يقاتل دفاعًا عن أرضه وهويته، والباطل الذي يمثله كيان مدعوم بالسلاح والمال، فاقد للشرعية، معادٍ للقيم الإلهية والإنسانية.
وبينما يظن البعض أن الموازين مختلة لصالح إسرائيل، فإن المؤمنين يدركون أن النصر لا يقاس بالعتاد وحده، بل بالثبات على المبدأ، وبالإيمان أن الله مع المظلومين. وإسرائيل، مهما امتلكت من سلاح أو نفوذ، ستظل في مواجهة الله بقيمها وسلوكها، وهذه مواجهة لا يُكتب لها البقاء.
نداء ابن الشهيد
أنا ابن شهيد سقط في النكبة.
سقط ليحيا وطن، لا ليقوم كيان على الدم.
أقولها صريحة:
إسرائيل ليست قوة لا تُقهر، بل كذبة كُبّرت بصمتنا.
تعيش لأننا صمتنا.
تتمدّد لأننا تراجعنا.
تقتل لأننا ترددنا.
كفى صمتًا.
كفى انتظارًا.
كفى حيادًا كاذبًا.
يا أمة محمد، يا أمة العروبة:
السكوت خيانة
والتخاذل جريمة
والتأخر دم جديد يُسفك كل يوم
آن الأوان أن نكسر القيد
أن نكسر الخوف
أن نكسر هذا الباطل
فإما أن نقف الآن…
أو نسقط جميعًا واحدًا تلو الآخر.
