سألتنى سنين
بقلم: أحمد مختار
سألتنى سنين عمرى هل تغيَّرت ؟ ..
فنظرت بإستغراب ، وقلت :
نعم ، أنا تغيَّرت عند مرورك أيتها السنين ، تغيَّرت وكبرت وفهمت ..
تغيَّرت نظرتى للأمور ، وللأشخاص ، وللأيام ، ففى كل يوم كانت هناك تجربة جديدة …..
* في كل يوم كان هناك شخص غالى يرحل عنى ….
* فى كل يوم أبدء نظرة جديدة ولحظات جديدة بأفكار جديدة وأمل جديد ….
* نعم ، أنا تغيَّرت ……
لقد توقفتُ منذ مدّة عن مساومة بائع الفواكة والخضار ، الذى على حافة الرصيف لأنه فى النهاية ،
لن تزيدنى بعض النقود غنىً ، لكنها قد تساعد ذلك البائع المسكين على توفير مستلزمات المدرسة لأبنائه !…..
* نعم ، أنا تغيَّرت …..
صرتُ أدفع لسائق سيارة الأجرة من دون إنتظار الباقى ، وأسامحه من قلبى فقد تضع المبالغ الإضافية إبتسامة على وجهه ، لأنه يكدّ من أجل لقمة العيش أكثر مما أفعل أنا اليوم !…..
* نعم ، أنا تغيَّرت ……
لقد توقفتُ عن القول لكبار السن بأنهم قد رَوَوا ذات القصة عدّة مرات ، لعل تلك القصة تجعلهم يستعيدون الماضى بالمرور فى رواق الذاكرة الضرورية لديهم !…..
* نعم ، أنا تغيرت …..
لقد تعلمتُ عدم إنتقاد الناس حتى عندما أدرك أنهم على خطأ ، فبالتالى لم يعد يهمّنى إصلاح الناس وجعل الجميع مثاليين ، لأن السلام مع الكل أفضل من الكمال الوهمى !…..
* نعم ، أنا تغيَّرت ….
صرتُ أمارس فنّ المجاملات بسخاء وحرية ، إذ تعلَّمت بالخِبرة أن ذلك يُحسِّن المزاجَ ليس فقط لمن يتلقَّى المجاملة ، ولكن بالنسبة لى أيضاً !….
* نعم ، أنا تغيَّرت ….
تعلمتُ أن لا أنزعج عن تكرار لبس الثياب القديمة وعدم إقتناء ثياب باهظة الثمن لأنى أدركت أن الجمال هو جمال الروح وأناقة الأخلاق وأن قوة الشخصية أهم بكثير من المظاهر !….
* نعم ، أنا تغيَّرت ….
صرتُ أبتعد بهدوء من الناس الذين لا يقدِّرون أفكارى ، ولا معتقادتى الثابتة وبالتالى قد لا يعرفون قيمتى ، لكننى أنا أعرف من أنا وما قيمتى !…..
* نعم ، أنا تغيَّرت …..
إذ تعلمتُ أن أعيش كل يوم كما لو كان الأخير من حياتى !…
* نعم ، لقد تغيَّرت ..
تعلَّمت أن أعمل كل ما يجعلنى أشعر بالسعادة ،
وبالتالى فهمتُ بأنى أنا المسؤول عن سعادتى ،
وأنا مدين لها بذلك لنفسى !…
* وكلَّ السعادة هي أن تكون بطاعة الله ….
* دمتم بكل خير ….
